أكادير آش
في وقت يُفترض أن يسود فيه النظام والاحترام داخل الجامعة، وأن تكون قاعات الامتحانات مكانًا يوفر نفس الفرص لجميع الطلبة، وفي أجواء هادئة ومريحة، تحولت إحدى القاعات بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكادير، صباح أحد الامتحانات، إلى مكان يمس بكرامة طالبة، وسط دهشة زملائها، وصمت يثير تساؤلات حول تصرفات من أوكلت إليهم مهمة المراقبة.
الواقعة حدثت حوالي الساعة 9:05 من صباح أول أمس الجمعة ، في حين كان من المفروض أن يبدأ الامتحان في الثامنة والنصف. لكن دخول الأستاذة والمساعد تأخر، كما هي العادة حسب ما يؤكده الطلبة، حيث تضيع نصف ساعة من وقت الامتحان، ويتم إخراج الطلبة في الوقت المحدد دون احتساب التأخير، في تجاوز واضح للعدل بين الجميع.
والأدهى أن ما وقع للطالبة كان قبل حتى أن تُوزَّع أوراق الامتحان، والتي لم تصل الطلبة إلا في حدود الساعة 9:15.
وسط هذا الجو المشوش، دخلت الطالبة إلى القاعة وجلست في المقعد الثالث. كانت بمكان شبه فارغ، لا يحيط بها أي اكتظاظ، ولا يوجد سبب مقنع لنقلها، خاصة أن ثلاث مقاعد بجانبها كانت خالية، والمقعد المطلوب منها الجلوس فيه كان مكسورًا ومعوجًّا. جاء أحد الطلبة المساعدين وطلب منها تغيير مكانها، لكنها أوضحت له بلطف أن الكرسي غير صالح وقد يُسقطها.
تصرفها كان هادئًا، وسؤالها كان بسيطًا: “أين يمكنني الجلوس إن لم يكن هذا المكان مناسبًا؟” دون أي توتر أو عصبية.
بدل أن يتم احترام موقفها، دخلت الأستاذة وهي تصرخ، وطلبت منها مغادرة مقعدها فورًا. ردّت الطالبة بهدوء أن الكرسي غير سليم، وكانت واقفة مكانها بسبب الصدمة، لكنها تفاجأت بضربة قوية على كتفها ويدها من طرف الأستاذة نفسها، جعلتها توشك على السقوط، وسط صدمة الطلبة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قالت لها الأستاذة بسخرية: “أنتِ ما غاديش دوزي هاد الامتحان”، ولما سألتها عن السبب، أجابت: “لأني بغيت.”
هذه الكلمات تكشف عن تصرف فيه تعسف كبير، حول قاعة الامتحان من مكان للإنصاف والجدية، إلى مجال لفرض التصرفات الغاضبة من طرف من يُفترض أن يكونوا قدوة في التعامل واحترام الطلبة.
الطالبة لم تكن وحدها في الموقف، بل إن زميلة أخرى أكدت أمام اللجنة أن الضحية لم ترتكب أي مخالفة، وكانت هادئة ومحترمة، وتعرضت للإهانة بدون سبب. كما أوضحت أن مكانها لم يكن ضمن المقاعد التي يُعاد ترتيبها، حيث كانت تجلس في مكان لا يشكل أي إزعاج.
لكن الأستاذة لم تكتف بذلك، بل منعت الطالبة من اجتياز الامتحان، وبدأت مع المساعد في نشر إشاعات تقول إن الطالبة “لها علاقات مع العميد ومعارف مهمين”، وهي اتهامات خطيرة تُؤثر على علاقة الطلبة ببعضهم، وتُشكك في مبدأ تكافؤ الفرص داخل الجامعة.
شهادات أخرى من الطلبة أكدت أن هذا التوتر ليس جديدًا، فالامتحانات الصباحية تشهد دائمًا تأخرًا في البداية، مما يُربك الجميع، دون أن يتم تعويضهم عن الوقت الضائع. كما أشار عدد من الطلبة إلى أن نفس الأستاذة كانت مصدر توتر في حصص صباحية ومسائية سابقة، بسبب أسلوبها الحاد وطريقتها في التعامل مع الطلبة.
ما وقع داخل قاعة الامتحان في كلية الحقوق بجامعة ابن زهر لا يجب اعتباره حالة عابرة، بل هو دليل على خلل في طريقة المراقبة، وعلى استعمال غير مقبول للقوة داخل مؤسسة تعليمية، مما يستدعي تحقيقًا عاجلًا من طرف إدارة الجامعة، ورد الاعتبار للطالبة التي لم ترتكب ذنبًا سوى أنها رفضت الجلوس على كرسي مكسور، وسألت عن مكان بديل دون أن ترفع صوتها أو تخرق النظام.