مشروع نموذجي بأكادير يُحوّل ملف الكلاب الضالة من “تصـ ـفية” إلى رعاية مُنظمة

2 يوليو 2025
مشروع نموذجي بأكادير يُحوّل ملف الكلاب الضالة من “تصـ ـفية” إلى رعاية مُنظمة

أكادير آش

في وقت لا تزال فيه بعض الأخبار المغلوطة تتحدث عن “تصفية الكلاب الضالة”، تسير مدينة أكادير في اتجاه مغاير تمامًا، مُجسّدة تحولًا نوعيًا في تدبير هذا الملف الشائك، وذلك من خلال ورش نموذجي يتم تشييده حاليًا بمنطقة أنزا، على مساحة تناهز 4,5 هكتارات، بطاقة استيعابية تصل إلى 1000 كلب و200 قطة.

الملجأ الجديد لا يُشبه الملاجئ التقليدية، بل هو مركز متكامل للرعاية والتطبيب والتعقيم، مزوّد بفضاءات خاصة للعمليات الجراحية والعلاجات البيطرية، في احترام صارم للمعايير الصحية والبيئية، واستجابة واضحة للتوجيهات الرسمية المتعلقة بالرفق بالحيوان ومحاربة الأساليب العنيفة.

ويأتي هذا المشروع في انسجام تام مع قرار وزارة الداخلية لسنة 2019، الذي نص صراحة على منع الجماعات الترابية من قتل أو تسميم الكلاب الضالة، وهو ما شكّل حينها منعطفًا مهمًا في طريقة التعاطي المؤسساتي مع الظاهرة، وتأسيسًا لمقاربة بديلة، عمادها الوقاية والتعقيم والتوعية.

خلال إحدى مباريات كأس العالم للأندية 2025، التُقطت لقطة لمشجع يحمل لافتة احتجاجية كتب عليها: “المغرب.. توقفوا عن قتل الكلاب والقطط”. هذه اللافتة، وإن لقيت تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل، إلا أنها تُجافي الواقع وتُروّج لمغالطة لا تستند إلى أي أساس قانوني أو عملي، إذ أن المغرب، ومنذ سنوات، توقّف عن اللجوء إلى القتل كأسلوب في تدبير هذا الملف، واعتمد بدلًا من ذلك على التعقيم والإيواء والرعاية البيطرية، كما تؤكد ذلك المعطيات الرسمية والمشاريع الجارية على الأرض.

الجهات المشرفة، التي تضم سلطات محلية وجماعات ترابية بشراكة مع نسيج من فعاليات المجتمع المدني، أكدت أن المشروع لا يقتصر على الإيواء، بل يمتد إلى التحسيس والتربية على احترام الكائنات الحية، عبر فتح أبوابه أمام المتطوعين والجمعيات، وجعل جزء من خدماته موجّهًا للعمل التوعوي في المدارس والمؤسسات.

وفي وقت تواصل فيه بعض الأصوات التشكيك في جدوى مثل هذه المبادرات، يشكّل هذا المركز الحيواني بأكادير ردًا فعليًا وملموسًا على الانتقادات التي لا تأخذ بعين الاعتبار حجم الجهود المبذولة في المغرب، لا سيما في ظل التحديات المرتبطة بالصحة العمومية والسلامة البيئية.

فالمغرب، وبدلًا من اللجوء إلى “أساليب الإبادة”، يُراهن اليوم على مشاريع ميدانية تُكرّس رؤية جديدة مبنية على الرحمة، التنمية، والتدبير العلمي للظواهر المجتمعية، وفي مقدمتها انتشار الكلاب والقطط الضالة داخل المجال الحضري.

الملجأ المنتظر افتتاحه في أكادير لا يُمثل فقط بنية تحتية جديدة، بل منعطفًا في الثقافة العمومية المرتبطة بالحيوانات، وقد يتحوّل، إذا ما حظي بالدعم والتتبع المستمر، إلى نمودج وطني يُحتذى به في باقي جهات المملكة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة